في بلدة نائية في تونس، خرج محتجون غاضبون من البطالة والأساليب القمعية للشرطة، مطالبين بسقوط نظام «حركة النهضة» الإسلامية، في تكرار لمشاهد الثورة التونسية التي خرجت من سيدي بو زيد في العام الماضي.
القصة بدأت هذه المرة من سليانة، الولاية التي تحولت إلى «سيدي بو زيد الثانية». اهتزت سليانة الواقعة على بعد 140 كيلومتراً من العاصمة خلال الأسبوع الماضي، على وقع احتجاجات شارك فيها آلاف الشبان، معظمهم عاطلون عن العمل، ورافقتها اشتباكات مع قوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيل للدموع ورصاص «الرش» («الشوزن») والرصاص الحي.
وقال أنيس عمراني (24 عاماً) «فقدت عيني بسبب الشرطة، هذا ما فعلته النهضة». واشتكى الشاب قائلاً «ليس لدينا وظائف، ونحن مهمشون، وهم يهاجمون بوحشية... شرطة النهضة تضيف مشكلة أخرى»، ثم خلص إلى أن «سليانة ستكون سيدي بوزيد الثانية، سنتخلص من هؤلاء الإسلاميين الذين لا يعرفون شيئا عن الإسلام».
وتقول مصادر طبية إن من بين 252 مصاباً على الأقل، فقد 17 بصرهم، بسبب استخدام الشرطة لطلقات «الرش». وكانت دانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي الحكومة التونسية يوم الجمعة الماضي، بسبب ما وصفته بـ«العنف المفرط».
في المقابل، اتهمت «النهضة» يساريين خسروا في انتخابات العام الماضي بإذكاء الاضطرابات، من خلال تحريض سكان المناطق الفقيرة على الدخول في مواجهات، «من الممكن أن تبعد المستثمرين الأجانب».
وبدأت الاحتجاجات الثلاثاء الماضي بعد دعوة من «الاتحاد العام التونسي للشغل»، إلى الانطلاق إلى الشوارع، للمطالبة بوظائف واستثمارات، وإقالة الوالي المحسوب على «النهضة»، وسرعان ما توسعت دائرة الاعتراض في المدينة، وانطلقت مسيرات التضامن مع سليانة في مدن تونس وصفاقس وسيدي بوزيد والكاف.
وشهدت البلاد سابقة في تاريخها يوم الجمعة الماضي، إذ ترك سكان سليانة مدينتهم وتوجهوا إلى العاصمة، «ليتركوا الوالي حاكماً على الجدران والعصافير والقطط»، وذلك في شكل احتجاجي جديد، في وقت تجددت الاشتباكات العنيفة في اليوم التالي داخل المدينة.
ويملك المعارضون اليساريون وجوداً واضحاً على الأرض في سليانة، ولا يتعارض ذلك مع كون هؤلاء مجرّد شبان غاضبين، يحتجون على المشاكل الاقتصادية في منطقتهم، وليس لهم انتماءات سياسية.
واتهم عضو «الحزب الجمهوري» إياد الدهماني الحكومة بإعادة إنتاج أساليب نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، ووصفها بالعجرفة، وقال إنها «تظن أن الفوز في الانتخابات يعني أن بإمكانها استخدام الغاز المسيل للدموع والخرطوش مع الناس، بدلا من أن توفر لهم وظائف واستثمارات».
من جهة أخرى، استأنفت النيابة العامة التونسية قراراً قضائياً، كان قد أصدرته «محكمة تونس الابتدائية» الخميس الماضي، وقضى بإسقاط تهمة «التجاهر عمدا بفعل فاحش»، عن فتاة اغتصبها شرطيان، في تشرين الأول الماضي، في قضية أثارت ضجة إعلامية وحقوقية، داخل تونس وخارجها.
(«رويترز»، أ ف ب)
ليست هناك تعليقات:
Write comments