تتمتع المرأة التونسية بوضع استثنائي في العالم العربي والإسلامي إلا أن عددهن بدا قليلا على رأس لوائح المرشحين إلى انتخابات 23 أكتوبر/ تشرين الأول بحيث يشكلن قوة سياسية متواضعة مما يشير إلى عدم مساواة لافتة مع الرجل.
وصادقت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في تونس في أبريل/ نيسان على مشروع مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي الذي نص بالخصوص على اختيار نظام القوائم بدورة واحدة على أساس التمثيل النسبي والمناصفة بين النساء والرجال في القوائم.
وباستثناء حزب التجديد (يسار) الذي احترم قاعدة التعادل في لوائح المرشحين فإن أغلب التشكيلات السياسية الأخرى رشحت عددا قليلا من النساء على رأس القوائم.
وعبر العربي الشويخة أحد أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات "عن خيبة أمله وصدمته من هذه النتيجة". وقال: "كنت أتمنى أن تقوم الأحزاب السياسية بحركة رمزية". وفي ذات السياق قالت مي الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي وهي أول امرأة تترأس حزبا سياسيا في تونس: "واجهنا ترددا من الطرف المرأة نفسها...التي تقبل المشاركة الفاعلة لا سيما في المواقع القيادية".
وأكدت على أن المشوار لا يزال طويلا بالنسبة للتونسيات اللاتي يرفضن المساهمة فقط لتزيين المشهد السياسي.
وتحتل التونسيات مكانة كبيرة في الحياة العامة في تونس التي احتفلت في 13 أغسطس/ آب الماضي بذكرى مرور أكثر من نصف قرن على صدور مجلة الأحوال الشخصية، القانون الليبرالي الذي أصدره الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة عام 1956.
وينص القانون على منع تعدد الزوجات ومنع التطليق، وأقر نصوصا خاصة بالطلاق وبالحد الأدنى لسن الزواج للفتيات كما أكد حق المرأة في التعليم والعمل مقابل أجر متساو تماما مع الرجل.
غير أن دخول المرأة التونسية الحياة السياسية بقوة لا يزال أمرا عسيرا.
واعتبر حمة الهمامي رئيس حزب العمال الشيوعي الذي تترأس أربع مناضلات منه أربع لوائح فحسب "أن المسألة تتعلق بالعقلية فهنالك الكثير من الناس يرفضون وجود امرأة على رأس القائمة لا سيما في المناطق الداخلية".
وهذا الرأي دعمته الناشطة سندة دربالي رئيسة قائمة الحزب في نابل الواقعة على بعد 70 كلم جنوب العاصمة تونس.
وعزت دربالي الإقبال المتواضع للمرأة إلى "المسؤوليات العائلية وعقليات بعض الأزواج التي تعيق المشاركة" ومضت تضيف "ليس هنالك تشجيع أو تكوين لحثنا على المساهمة في الحياة السياسية".
ومن جهته قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية إن "المرأة التونسية لا زالت لا تتمتع بمكانة قيادية في النقابات والأحزاب السياسية وهذه حقيقة" رغم أنها لها مكتسبات قلما وجد شبيه له في المنطقة العربية.
وفي 33 دائرة رشح حزب النهضة لوائح ترأس امرأتان فقط لائحتين منها.
ووضعت الحركة في رأس اللائحة رجالا ناضلوا وعرفوا السجن أيام النظام السابق وحصلوا على شهرة، كما قال الغنوشي.
وتبدو النتيجة ضعيفة لكنها مماثلة لما هو حاصل لدى أكثرية الأحزاب التونسية حيث إن وجود نساء في المراكز الأولى أمر استثنائي.
وأشار أحمد نجيب الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي الذي تعرض لعمليات قمع قاسية إبان حكم بن علي إلى أن "المرأة في الدول الديموقراطية هي أيضا غير ممثلة بقوة".
وأضاف: "فرض نظام التناصف عمل جيد للغاية" غير أنه قال: "يجب أن نكون واقعيين.. في السياسة المهم هي النتيجة النهائية".
وبعد ثمانية أشهر على سقوط نظام بن علي، سيكون على التونسيين في 23 أكتوبر/ تشرين الأول انتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي من بين 1600 لائحة ترشيحية لـ105 حزبا وتشكيلا مستقلا في مشهد سياسي شديد التعقيد.
وسيكلف المجلس التأسيسي أساسا بصياغة دستور جديد للجمهورية الثانية في تاريخ تونس المستقلة.
ليست هناك تعليقات:
Write comments