بثينة الزغلامي
في خضمّ الأحداث التي تشهدها تونس كثر الحديث عن دور الإعلام، لما له من أهمية في تفعيل الحراك الاجتماعي والسياسي بالبلاد اضافة الى دوره في إشراك جميع الآراء التي تعبّر عن مخاض فكري عميق بعيدا عن منطق الإقصاء والتهميش وفي إطار القطع مع خطاب أحادي مفروض نلاحظ أن جميع التونسيين صاروا يتطلّعون الى تطوير الإعلام وانفتاحه على مختلف المشاكل الاجتماعية والفكرية والحضارية من منطلق الإيمان بحرية الإعلام بعيدا عن الفوضى وانتهاك الحقوق المدنية والفكرية لأصحاب الرأي المخالف. وفي هذا الاطار وقع طرح المشاكل التي يعاني منها الإعلام حاليا؟ وأي دور له في اطار التعددية والحوار الحضاري وأمام أصوات الإعلاميين الذين يدعون الى الحفاظ على هذا المكسب الذي شهد زخما من الحرية لم تعرف له البلاد مثيلا حاولنا أن نأخذ عيّنة من بعض الشهادات لصحفيين مختلفي التوجهات الفكرية.
سفيان الشورابي
(صحفي بـ «الطريق الجديد»)
أعتقد أن الهامش الكبير في الحرية الذي صارت تتمتع به وسائل الإعلام في تونس هو عنصر إيجابي يفتح الباب واسعا أمام انفجار طاقات الصحفيين والإعلاميين وثبت بالكاشف أن تونس كانت في أمسّ الحاجة الى تحرير الإعلام من سيطرة بعض الاجهزة حتى يتمكّن التونسيون من التعرّف على أخبار بلدهم والتي كانوا مع الاسف يطّلعون عليها في وسائل الإعلام الاجنبية وحالة «تخمة» الحرية التي حازها الصحفيون هذه الفترة لا يمكن أن تضيع هباء مرّة أخرى أو يقع الالتفاف عليها من بعض جيوب الرداءة وأبرز الاجراءات التي من المطلوب اتخاذها هو بعث مجلس أعلى يتركّب من ممثلين للحكومة والاحزاب والجمعيات المعنية والمنظمات الاجتماعية للإشراف على المشهد الإعلامي بمختلف أصنافه ولمراقبة أية تجاوزات قد تحدث في المستقبل.
يوسف الوسلاتي (صحفي بجريدة الشروق)
المشهد الإعلامي حاليا يعكس حالة المخاض التي تعيشها البلاد، هناك صراع بين حالات الجذب للخلق والدفع للأمام ممّا جعله يتميّز بحالة «لخبطة» وتردّد في التعاطي مع الأخبار وهو انعكاس للتجاذبات السياسية وألاحظ أنّ الإيجابيات تتمثل أساسا في حالة الانفتاح رغم الزخم الإعلامي الذي بدا غير منظم. هذا على المستوى العملي ولكن على مستوى القوانين يحتاج الأمر الى :
ـ تطبيق القانون في منح الرخص لوسائل الإعلام من ذلك أنّ الحصول على جريدة يكون بالإعلام فقط.
ـ عدم وجود إطار قانوني ينظم الفضاء السمعي البصري حيث أنّ الوضع أفرز إمّا تحكم الحكومة سابقا في تراخيص الاذاعات والتلفزات أو منح تراخيص لأفراد العائلة المالكة سابقا أو بعض المقرّبين منها.
ـ عدم ترك العنان لوكالة الاتصال الخارجي في دعم الصحف بالاشهار العمومي وفق الولاءات للدولة.
ـ دعم صحافة الرأي وصحافة الأحزاب.
ـ استحالة تطوّر الإعلام في المستقبل بالمنظومة القانونية التي سنّت سابقا وذلك من خلال ضرورة حذف مجلة الصحافة أصلا أو تطويرها بما يتناسب وثورة هذا الشعب.
ـ استحالة تطوّر الإعلام بوجود نفس الوجوه القديمة الموجودة في المؤسسات الإعلامية سابقا.
أيمن الزمالي (صحفي بجريدة الصباح)
إنّ المشهد الإعلامي في تونس شهد رجّة عنيفة أثناء الثورة التي قادها الشباب التونسي والتي طرحت شعارات الكرامة والحرية كمطالب أساسية قامت عليها اذ شهد هذا المشهد الإعلامي قطيعة واضحة مع الشعب نتيجة الحصار والقمع الذي كان مسلّطا على الصحفيين.
غير أنّه وبعد فرار بن علي انعكست الحرية والإنفتاح على هذا المشهد الذي لم يستطع الى حدّ الآن إرضاء انتظارات الإعلاميين.
تعدّد المشهد اليوم وإزاحة أجندا الصوت الواحد والرأي الواحد سيكون له انعكاس إيجابي على هذا المشهد ماديّا من حيث إعطاء الفرص لمختلف الكفاءات الإعلامية ومعنويّا من خلال تغيّر المضمون الإعلامي الذي سيكون حتما متنوّعا وقريبا من مشاغل المواطن وتطلّعاته.
محمد بوعود (صحفي بجريدة الوحدة)
المشهد الإعلامي بما يشهده من طفرة في الحريات وطلاقة في التعبير وتراجع كبير لسلطة الرقابة يبدو أنه لم يستوعب هذا الدفق الهائل من المعلومات وهذا الكمّ من الاحداث فنرى اليوم مشهدا إعلاميا غير منظّم. وإن حاولت أن أبسّط المشهد فهو كالتالي:
ـ التحرّر الذي ظهر فجأة بفضل نضالات الشعب التونسي فاجأ القنوات التلفزية فصرنا نرى خليطا عجيبا من القراءات وغزارة في التحاليل والمحللين دون منهجية محددة.
جزء من الصحافة المكتوبة لم يستوعب التغيّرات التي شهدتها البلاد أي الخروج الى وضعية الصحافة المسؤولة الحرّة.
سفيان بن صالح
(صاحب مجلة «نور بريس» الإلكترونية وصحفي)
لا شكّ أنّ الوضع المتردّي الذي كان قد شهده الإعلام والذي تحوّل الى فوضى في ظلّ تهميش الكفاءات والأقلام الجيّدة انعكس سلبا على وضعية الصحفيين والصحافة وآمل أن يكون ما نشهده اليوم مخاضا يعيشه إعلامنا التونسي وباعتباري أعمل في قطاع الصحافة الإلكترونية فالرجاء لفتة الى هذا القطاع وذلك بضمان عدم حجب المواقع الالكترونية كما كان في السابق وإعطاء هذا النوع من الصحافة نفس حقوق الصحفيين في القطاعين المكتوب والمرئي المسموع.
ريم حمزة (صحفية بجريدة أخبار الجمهورية
لقد كان المشهد الإعلامي في السابق غير منظم وفيه تهميش للصحفيين الشبان وكذلك الإقصاء وهو منطق كان يغلب على جلّ المؤسسات الإعلامية وآمل أن يواكب الإعلام التونسي الثورة الشعبية.
ليلى العبيدي (باحثة جامعية)
منذ 23 سنة ونحن نبدأ يومنا بتصفّح صور الرئيس المخلوع واليوم تعود لنا شهيّتنا لمطالعة الصحف والمجلات وها نحن نتصالح مع جميع الألوان نأمل أن يكون الإعلام في مستوى هذه الدماء التي سالت ذلك انّ البوعزيزي لم يحرق نفسه ثورة على الفقر فقط بل ثأرا لكرامته والتي أتمها أبناء تونس ومنهم هذا الشباب الرقيق كالياسمين الذي انتفض وثار فكانت رائحته هي رائحة الثورة.
ولابدّ من الإشارة الى انّ المتتبع للقناة الوطنية والصحف الصادرة منذ 14 جانفي يلاحظ تغيّرا يكاد يكون سحريّا فيها.
توقعات المشهد الإعلامي التونسي
عادل الحاج سالم (الأمين العام المساعد ـ حزب الوحدة الشعبية
المشهد الإعلامي التونسي في هذه الحالة الثوريّة التونسية مفتوح على كلّ الاحتمالات، فهناك عودة لأقلام أجبرت على أن تلتزم جيوب اصحابها طيلة سنوات وهناك حالة «انفلات» ديمقراطي يختلط في الحابل بالنابل، تختلط فيه الأقلام الحرّة التي بقيت طيلة العهد السابق إمّا ملتزمة بالصمت والصّبر، او محاولة اختراق الحاجز ولو بالتلميح والاشارة او الاهتمام بالشأن الاجتماعي.
وبين أقلام مأجورة جفّ حبرها البنفسجي وتحاول استغلال الحالة الثوريّة إما لتبرئة ذمّتها على حساب الحقيقة والتاريخ، وإمّا لركوب الموجة فهم ركّاب أمواج يتاجرون في كلّ شيء حتى في دماء الشهداء.
إنني أعتقد أنّ هذه الحالة لن تتواصل وأن شعبنا عرف أنه قد هدر واستجاب له القدر، وأن من كانوا البارحة يغتالوننا بأكاذيبهم عن المناضلين ومد حياتهم في المجرمين ولصوص الأموال العامة، لن يكون لهم مجال اليوم خاصة وأنهم صاروا يتبارون في التبرّؤ من رموز العهد السابق دونما خجل... وأعتقد أن من اعتدوا على ميثاق الشرف الصحفي عليهم ان يلزموا الصمت ويريحوننا من أصواتهم الحبرية المزغردة لكلّ وافد...
من ناحية أخرى أعتقد أنّ على الهيئة الشرعية للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بعد زوال الانقلاب ان تنكبّ على وضع التصوّرات الكفيلة بالقطع مع عقليّة ارتهان الصحافة للنظام مهما كان لونه واتجاهه وتنظيم القطاع حتى تكون الصحافة سلطة حقيقية مستقلة، ووضع سدّ أمام عودة الرقابة بأيّ شكل من اشكالها، والتأكيد على المهنيّة وان تكون الصحف والاذاعات والقنوات منابر إعلامية حقيقية على ملك الصحفيين.
كما أتصور ان الوكالة التونسية للاتصال الخارجي التي طالما اعتبرنا أنّها آلية من آلات النظم الكليانية لم يعد لها من مبرّر للوجود وعليه لابدّ من تنظيم الاشهار العمومي وتمكين الصحف والمجلات منه على أساس الانتشار لا المحاباة او القرب من السلطة.
وفي الاطار نفسه لابدّ من مجلس وطني للإعلام يمثّل القطاع وفيه تمثيلية لكلّ الأطياف الفكريّة والاجتماعية والسياسيّة وتكون له الصّبغة التنفيذية في ما يخصّ الشأن الإعلامي بما فيه الترخيص للصحف والاذاعات والقنوات واسناد بطاقات الاحتراف والإشهار والسّهر على احترام ميثاق الشرف الصحفي.
ليست هناك تعليقات:
Write comments