القاهرة 13 سبتمبر 2012 (شينخوا) تضع الاحتجاجات التي تصاعدت حدتها في عدة عواصم عربية ضد الفيلم الامريكي المسيء للنبي محمد، دول "الربيع العربي" على وجه الخصوص في وضع "حرج" وتنذر بتداعيات كبيرة على العلاقات بين العرب وواشنطن، حسب محللين.
وقال المحلل السياسي فخري الطهطاوي لوكالة أنباء (شينخوا) إن "هذه الاحداث سيكون لها تأثيرات كبيرة على الدول العربية، خاصة دول الربيع العربي الاكثر احتجاجا ضد الفيلم المسيء للنبي محمد، وذلك لعدة اسباب منها احتمالات التدخل الامريكي".
وتابع ان هذه الاحتمالات تبرز في الحالة الليبية، وذلك على خلفية ما تردد عن ارسال الولايات المتحدة لفرقة مارينز وبارجتين حربيتين الى السواحل الليبية.
كما تبرز هذه الاحتمالات في الحالة المصرية عبر ممارسة الضغوط بمنع المعونة الامريكية او تحريض صندوق النقد الدولي على وقف قرضه، ووقف الاستثمارات الاجنبية وعرقلة المشروعات تحت مبرر عدم الاستقرار الامني، حسب الطهطاوي.
وكان فيلم "براءة المسلمين" المسيء للنبي محمد والذي بثت دقائق من احداثه على موقع (يوتيوب) قد اثار موجة احتجاجات شعبية منذ الثلاثاء في عدة عواصم عربية، خاصة في اربع من دول الربيع العربي، هي مصر وليبيا وتونس واليمن.
فقد هاجم متظاهرون ليبيون غاضبون القنصلية الامريكية في بنغازي شرق ليبيا، ما ادى الى مقتل السفير الامريكي كريس ستيفنز وثلاثة من موظفي السفارة.
فيما تعرضت السفارة الامريكية بالقاهرة لمحاولات اقتحام، وشهد محيطها اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين اوقعت 248 مصابا، بينهم 24 من قوات الامن، حسب وزارة الصحة، في حين اكد مصدر امني اعتقال 23 شخصا من المتظاهرين.
وفي اليمن سقط خمسة قتلى و30 جريحا على الاقل لدى اقتحام متظاهرين السفارة الامريكية بصنعاء، حسب مصادر طبية، فيما فرق الامن التونسي الاربعاء عشرات المحتجين من المحسوبين على التيار السلفي المتشدد اثناء محاولتهم اقتحام مقر السفارة الامريكية احتجاجا على الفيلم المسيء.
ويرى الطهطاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ان "الفيلم استهدف في الاساس احراج التيارات الاسلامية التي تولت زمام السلطة في دول الربيع العربي"، معتبرا ان هذه التيارات باتت "في اختبار حقيقي فيما يتعلق بعلاقاتها مع الادارة الامريكية".
واوضح ان "الفيلم جاء ليطرح تساؤلا حول كيفية تصرف تلك التيارات الاسلامية ورد فعلهم على تلك الاساءة بعد توليهم السلطة، وما اذا كانوا سيحسنون التصرف ويلتزمون بالاتفاقيات الدولية ام انهم سيخضعون لمشاعرهم وضغط الشارع عليهم".
وتوقع ان تحاول هذه الدول احتواء الموقف بسرعة والتصدي لاية محاولة لزيادة حدة الاحتجاجات.
وكما دانت دول الربيع العربي الفيلم الامريكي المسيء للنبي، اكدت كذلك مسؤوليتها عن حماية البعثات الدبلوماسية ومقار السفارات للدول المختلفة.
ففي الوقت الذي اكد فيه الرئيس المصري محمد مرسي فى كلمة بثها التليفزيون الرسمي اليوم ان الرسول الكريم خط أحمر لا يجوز المساس به، اعتبر انه من الواجب حماية البعثات الدبلوماسية، قائلا "من واجبنا نحن ومن صميم ديننا ان نحمي ضيوفنا (..) واماكن اقامتهم وأعمالهم.
الا ان جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المصري دعت الاربعاء الى التظاهر غدا الجمعة امام المساجد الكبرى.
ومثل يوم الجمعة موعدا اسبوعيا للتظاهرات الكبرى ضد انظمة الحكم في كل دول الربيع العربي.
وبدأت ليبيا تحقيقات حول الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي.
واتفق رئيس المؤتمر الوطني العام في ليبيا محمد المقريف خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الامريكي باراك اوباما على "العمل عن كثب بشأن سير هذا التحقيق"، حسب بيان للبيت الأبيض.
ويرى المحلل السياسي طلعت رميح، ان العلاقات الامريكية - العربية "تتجه نحو التدهور والتصعيد".
واستشهد في هذا الصدد برد الرئيس الامريكي عما اذا كان يعتبر النظام الحالي في مصر حليفا كنظام مبارك قائلا "لا اعتقد اننا نعتبرهم بمثابة حلفاء ولكن لا نعتبرهم بمثابة اعداء"، معتبرا ذلك كلاما خطيرا حول علاقات بلاده مع مصر.
وقال رميح رئيس تحرير سلسلة (استراتيجيات) ل(شينخوا) إن هذا التصعيد يعيد إلى الأذهان ما كان يتردد وقت الربيع العربي من أن الولايات المتحدة تدعم الثورات العربية لاضعاف تلك الدول وخلق كيانات ضعيفة تستطيع واشنطن في مرحلة لاحقة التدخل فيها بشكل مباشر، وهو مابدا واضحا من لهجة حديث أوباما عن مصر، وارسال الولايات المتحدة لفرقة مارينز وبارجتين حربيتين إلى السواحل الليبية.
واكد ان الاحتجاجات الحالية ستؤثر بشدة على العلاقات الامريكية العربية، لافتا الى ان واشنطن قد تقوم بتغيير استراتيجيتها تجاه المنطقة إذا لم تتم السيطرة على الاحتجاجات الموجهة ضد الولايات المتحدة.
واعتبر رميح ان "من المثير" ان تخرج الاحتجاجات ضد الولايات المتحدة الأمريكية من دول الربيع العربي المفترض انها حظيت بمساعدة واشنطن خلال ثواراتها، وارجع ذلك الى عدم اختلاف او تغيير السياسات الامريكية تجاه العالم الاسلامي والعربي.
المصدر:
ليست هناك تعليقات:
Write comments