امينة الزياني
عادت غالبية الأطراف السياسية التونسية من جديد إلى طاولة الحوار الوطني، أمس، بهدف تحديد طرق تنفيذ ما تبقى من خريطة الطريق التي أعلنتها المنظمات الراعية للحوار، في وقت برزت مواقف أعلنها الاتحاد العام التونسي للشغل تفيد بأنّ رئيس الحكومة الحالية علي العريض سيقدم استقالته غداً، على أن ينتهي تنفيذ المسارات الثلاثة الخاصة ببنود مبادرة الحوار الوطني في 14 كانون الثاني المقبل، ذكرى خلع الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في العام 2011.
وبدأت جلسة الحوار الوطني صباح أمس واستمرت حتى ساعة متأخرة من الليل، وحضرتها «حركة النهضة» وحليفها في الائتلاف الحاكم حزب «التكتل»، إضافة إلى مكونات «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة باستثناء «الحزب الجمهوري».
وعبرت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل عن أملها في أن تكون جميع المسارات منتهية يوم 12 كانون الثاني المقبل للإعلان عنها يوم 14 من الشهر ذاته، فيما من المنتظر أن يقدم رئيس الحكومة علي العريض استقالته الرسمية يوم غد الأربعاء، لينطلق بذلك العد التنازلي لولادة حكومة مهدي جمعة، وفق ما أعلن الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المولدي الجندوبي.
وفي سياق آخر، تحوّل الحوار، أمس، إلى غرفة ضيقة تحل فيها الخلافات التي يصعب حسمها في المجلس الوطني التأسيسي، إذ أنّ أولويات المجلس في الفترة المقبلة ما زالت تطرح خلافات بين الأطراف السياسية.
فتنفيذاً لمبدأ تلازم المسارات الثلاثة، والتي تتمثل في المصادقة على الدستور واستكمال هيئة الانتخابات في المجلس بالتوازي مع تشكيل الحكومة الجديدة، برزت مسألة خلافية جديدة مع حلول الآجال القانونية لمناقشة مشروع ميزانية البلاد، ما يطرح خلافا في سلم أولويات أعمال المجلس، ويسعى الرباعي إلى حل ذلك والخروج بموقف توافقي.
وتطرح هذه الأمور إشكالا هاما نظراً إلى أنّ ما تبقى من وقت لا يكفي منطقيا لمناقشة مشروع قانون المالية للعام 2014 والتصويت على هيئة الانتخابات.
وتدور حول مشروع الميزانية العديد من نقاط النقاش، حيث انهمر سيل التصريحات والتصريحات المضادة والمداخلات الداعمة والداحضة لفكرة تأجيل مناقشة قانون المالية إلى ما بعد إنهاء البحث في هيئة الانتخابات.
وفي وقت لاحق، صرح الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل المولدي الجندوبي، في حديث إلى «السفير»، أن «النقاش مستمر حول إرجاء مناقشة الميزانية وأنّ غالبية الأحزاب السياسية وافقت على مبدأ التأجيل ووجدت المنفذ القانوني لتنفيذه وهو أن يأذن رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي بصرف جزء من الميزانية يضمن تسيير دواليب الدولة واستمرارية مرافقها ودفع الأجور إلى حين أن تتم مناقشة الميزانية ذاتها في المجلس بعد انتهائه من الهيئة».
وكانت المعارضة عبرت عن رغبتها في التوصل إلى حل وتمسكت بضرورة المرور لاستكمال الهيئة التي ستتولى إدارة الانتخابات، قبل التصويت على الميزانية. ففي حديث إلى «السفير» اعتبر الخبير الدستوري والقيادي في حزب «نداء تونس» المعارض رافع بن عاشور أن «مناقشة الميزانية سيستغرق وقتا كبيرا ... ولذلك نحن نرى على غرار الرباعي أن أولويات المجلس ستكون المصادقة على الدستور واستكمال الهيئة».
كذلك، فإنّ كل مكونات المعارضة، حتى الخارجة عن مكونات «جبهة الإنقاذ»، أكدت أيضا أن الأولوية هي استكمال المسارين التأسيسي والانتخابي واعتبرت أن اعتماد ميزانية أعدتها حكومة علي العريض المستقيلة لا يمكن أن يتم إسنادها إلى حكومة مهدي جمعة، وشددت على وجوب عدم إغراق الحكومة الجديدة بموازنات مالية تعدها حكومة تصريف أعمال سوف تغادر مركزها بعد أسابيع قليلة.
ووسط هذه الأجواء، عمل الرباعي الراعي للحوار، طوال يوم أمس، على مساعي تقريب الرؤى في محاولة لتجاوز هذا العائق الذي عطل سير المشاورات وحال دون الانطلاق في النظر في المسار الحكومي. وفي تفاصيل المخرج الذي تم اعتماده، فقد انتهت المساعي إلى تبني الموقف المؤيد لإقرار المرور مباشرة للتصويت على هيئة الانتخابات في المجلس التأسيسي واستشارة الرئاسات الثلاث في تأجيل مناقشة الميزانية، مع تسجيل تحفظ «حركة النهضة» و«التكتل» على ذلك. ومن المفترض أن يستأنف الحوار جلساته يوم غد الأربعاء.
ليست هناك تعليقات:
Write comments