الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

غرق 136 مهاجراً سرياً من تونس

    الأربعاء, سبتمبر 12, 2012   No comments

خلف حادث غرق باخرة تقل نحو 136 من المهاجرين غير الشرعيين التونسيين الخميس الماضي٬ في عرض البحر قبل وصولها إلى الشواطئ الايطالية صدمة وغضبا كبيرا وحزنا عميقا في أوساط الرأي العام ومختلف فئات الشعب التونسي.

وفي الوقت الذي صب فيه أهالي الضحايا والمفقودين جام غضبهم على السلطات العمومية ونالوا تعاطف وتضامن الشارع والمجتمع المدني ٬ سارعت الحكومة التونسية إلى تشكيل خلية أزمة وفتح تحقيق لمعرفة ملابسات هذا الحادث والتفكير في أبعاد مشكل الهجرة السرية الذي أصبح يحصد كل سنة مئات الشباب التونسي الذين يركبون البحر أملا في الوصول إلى الضفة الأخرى فتبتلعهم مياه المتوسط قبل تحقيق هذا الهدف.

وأعلنت الخارجية التونسية أن قوات خفر السواحل الإيطالية تمكنت حتى الآن من إنقاذ 56 من ركاب الباخرة المنكوبة وانتشال جثتين ٬ فيما يظل أكثر من 70 شخصا في عداد المفقودين وسط تضاؤل الأمل في العثور على ناجين من الهلاك بعد مرور خمسة أيام على الحادث المأساوي .


وصرح كاتب الدولة التونسي في الهجرة٬ حسين الجزيري ٬ الذي انتقل أمس إلى باليرموا وجزيرة لامبادوزا الايطاليتين لمتابعة عمليات البحث والتنسيق مع السلطات الإيطالية أن "الأمل في العثور على ناجين بعد خمسة أيام من وقوع هذه الكارثة الأليمة أصبح ضعيفا"٬ مشيرا إلى أن قوات خفر السواحل الايطالية تمكنت من إنقاذ 56 شخصا من الغرق في حين تم انتشال جثتين من بين 79 مفقودا.

في غضون ذلك ٬ عبر أهالي الضحايا من مختلف مناطق البلاد التي ينحدر منها الضحايا والمفقودون عن غضبهم عما اعتبروه "تباطؤا" من الحكومة والسلطات العمومية في تدبير الحادث وتوفير المعلومات الكافية عن مصير أبنائهم وسرعة جلب جثث المتوفين منهم.

ونظم أقرباء الضحايا مساء أمس وقفة احتجاجية صاخبة أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة التونسية اضطرت قوات الأمن معها لاستعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وفتح الطريق أمام حركة المرور.

كما شهد شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة ليلة أمس مسيرة شعبية صامتة عبر خلالها المشاركون٬ من كل فئات المجتمع٬ حاملين الشموع ترحما على أرواح الضحايا ٬ عن مشاعر الحزن والأسى أمام هذه الحلقة الجديدة من مسلسل المآسي التي تخلفها كل مرة مغامرات الشباب التونسي على ظهر "قوارب الموت" في اتجاه الضفة الشمالية للمتوسط أملا في التمكن من فرص للعمل وتحسين وضعهم المادي والخروج من دائرة الفقر .

يذكر أنه منذ بداية سنة 2011 وحتى الآن ذهب ضحية المحاولات المتكررة للهجرة غير الشرعية في اتجاه الشواطئ الأوروبية مئات الشباب التونسي ينحدر أغلبهم من المناطق الجنوبية للبلاد المعروفة بانتشار مظاهر الفقر والهشاشة وارتفاع نسبة البطالة.

وكانت جزيرة لامبدوزا الايطالية٬ التي تبعد نحو 80 كلم عن أقرب نقطة للشواطئ التونسية قد استقبلت غداة اندلاع الثورة التونسية في يناير من السنة الماضية أكثر من 30 ألف من المهاجرين غير الشرعيين انطلقوا في موجات متتالية انطلاقا من السواحل التونسية ٬ فقد المئات منهم وسط البحر في ظروف ظل يكتنفها الغموض حتى الآن ٬ وما زالت أسرهم تنظم وقفات احتجاجية أمام مقر الحكومة للمطالبة بالكشف عن مصير أبنائها .

وحول تطورات حادث غرق الباخرة المنكوبة ٬صرح وزير الخارجية ٬ رفيق عبد السلام عشية أمس أن مصالح وزارته تواصل متابعته موضوع غرق باخرة المهاجرين السريين مع السلطات الايطالية واتخذت الإجراءات الضرورية لاطلاع عائلات المفقودين على آخر التطورات التي تهم أبناءهم .

ونفى الوزير الاتهامات الموجهة للسلطات التونسية بالتقصير في معالجة هذه المشكلة ٬ مشيرا إلى أن رئيس الحكومة ترأس أمس اجتماعا خصص لبحث هذا الموضوع ٬ حيث قرر تشكيل "خلية أزمة" لمتابعته وفتح تحقيق في ملابسات الحادث.

واعتبر أن مشكلة الهجرة السرية ناتجة عن "تراكم مشاكل اقتصادية واجتماعية٬ لا يمكن حلها باجراءات استعجاليه٬ وإنما بحلول متوسطة وطويلة المدى"٬ وشدد على أهمية ما وصفه بـ"التوعية وطرد الأوهام من أذهان الشباب وعائلاتهم بشأن الهجرة".

وكان بيان رسمي صادر عن رئاسة الحكومة التونسية ٬ قد أعلن عن فتح تحقيق"للتعرف على ملابسات هذا الحادث الأليم"٬ واعتبر أنه "على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة للتقليص من ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما تحقق من تقدم في هذا المجال مقارنة بالسنة الفارطة٬ فإن النجاح في ذلك يبقى رهينا بتكاتف جهود المجموعة الوطنية وتقدم نسق التنمية للحد من استنزاف الطاقات والموارد البشرية في مغامرة التسلل الى أوروبا".

من جانبها أكدت رئاسة المجلس التأسيسي التونسي في بيان صدر مساء أول أمس ٬ على ضرورة "فتح تحقيق فوري وجدي" من أجل التعرف على ملابسات هذه الحادثة٬ معربة عن "تضامن" المجلس مع أهالي الضحايا والمفقودين.

كما شدد البيان على ضرورة تركيز جهود الدولة على "تحقيق أسباب التنمية في الجهات التونسية وتوفير فرص العمل وكرامة العيش حتى لا تستنزف طاقات شباب تونس في مغامرة التسلل إلى أوروبا"٬ داعيا وسائل الاعلام والمجتمع المدني إلى التحسيس بـ"خطورة الهجرة غير الشرعية والمساهمة في التقليص منها".

وفي سياق متصل عبرت حساسيات المجتمع المدني من قوى سياسية ومنظمات نقابية عن صدمتها بعد حاث غرق الباخرة المنكوبة ٬ داعية إلى الإعلان عن حداد وطني بعد هذه الكارثة التي أودت بحيات عشرات الشباب التونسي.

وأكدت في بيانات لها عن تضامنها مع عائلات الضحايا ٬ودعت الحكومة إلى ضرورة طرح ملف الهجرة السرية أمام الرأي العام الوطني وكل الجهات المسؤولة من أجل الحد من تداعياته الخطيرة على الشباب التونسي وحماية هذا "الشباب اليائس من الوقوع في مثل هذه المآسي التي تكرر حدوثها بسبب انسداد الأفق"٬ كما جاء في بيان صادر عن حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" المشارك في الائتلاف الحاكم.

وطالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مدنية) بتكوين لجنة تحقيق مشتركة تضم ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني لتوضيح ملابسات حادث غرق الباخرة ٬ ودعا الحكومة إلى "وقف تعامل تونس مع سياسة غلق الحدود التي ينهجها الاتحاد الأوروبي ٬حتى يتمكن كل من يرغب في الهجرة من التوجه إلى البلدان الأوروبية في ظروف آمنة و قانونية بما لا يعرض حياتهم للخطر".

من جانبه اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل أن "الحلول الأمنية المتمثلة في مواجهة ظاهرة الهجرة السرية بمراقبة السواحل التونسية ٬ على أهميتها تبقى غير كافية"٬ مؤكدا أن ذلك لا يمكن أن يشكل "حلا لمعالجة الأسباب العميقة التي تدفع بالشباب التونسي إلى الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت".

K-Store

About K-Store

فرقة التحرير

Previous
Next Post
ليست هناك تعليقات:
Write comments

المقالات الأكثر قراءة

المواضيع

'سلفية «سيدي بو زيد أبو يعرب المرزوقي أحمد سوايعية أحمد بن بله أخبار أخبار الكاف استنبول الاتحاد العام التونسي للشغل الاتحاد من أجل تونس الاجتماع التشاوري حول سوريا الإخوان المسلمون الاردن الاسد الإسلام السياسي الاسلاميون الأصولية الإسلامية الإقتصاد الاقتصاد التونسي الأمازيغ الأميرة بسمة آل سعود الإنتخابات الباجي قائد السبسي الباجي قايد السبسي البحرين التطاول على دولة قطر التكفير الجزائر الجهادية السلفية الدولة الاسلامية الربيع العربي السعودية السلفية السلفية الجهادية السلفيون التكفيريون السودان الصوفية الطويرف العالم الإسلامي الغنوشي الفكر السلفي القذافي القرضاوي القصرين القيروان الكاف المجتمع التونسي المجلس الوطني التأسيسي المرسى المغرب المغرب العربي المنصف المرزوقى المنصف المرزوقي النهضة الولايات المتحدة الأميركية الوهابية السعودية اليمن امتثال أبو السعود امينة الزياني أنصار الشريعة أولمبيك الكاف إيران ایران ايران ﺑﺎﺟﺔ بثينة الزغلامي تاريخ الكاف تالة تركيا ﺗﺴﺘﻮر تكفير تونس ثورة تونس جامع الزيتونة جندوبة جندوبة، جهاد النكاح حبيبة الغريبي حركة "تمرد" حركة النهضة حركة نداء تونس حزب الله حقوق الانسان حكومة حبيب الصّيد حمادي الجبالي حماس خوارج العصر داعش دور الإعلام دولة القانون ذاكرة الكاف راشد الغنوشى راشد الغنوشي رفيق بن عبد السلام بوشلاكة روسيا رياضة ﺳﺎﻗﯿﺔ ﺳﯿﺪي ﯾﻮﺳﻒ ساقية سيدي يوسف سلفية وهابية سليانة سوريا سورية سيدي بوسعيد شكري بلعيد شمال أفريقيا صفاقس عادات وتقاليد عبد الفتاح مورو علي العريض علي لعريض غزة فرنسا فلسطين قابس قطر لبنان لمصر ليبيا مالي محمد منصف المرزوقي محمد يوسف مدينة الكاف مصر مصطفى الفيلاليالى مصطفى بن جعفر معتمدية كسري معدل البطالة منصف المرزوقي مهدي جمعة مهرجان قرطاج ميزانية تونس نصرالله نورالدين بالطيب هواري بومدين هيثم مناع هيثم منّاع والسعودية والمجتمع التونسي وضع المرأة ولاية القصرين ولاية الكاف ولاية باجة ولاية جندوبة Abdelfattah Mourou Ennahdha France Ghardimaou Ghribi Hamadi Jebali Japan le kef libya Marzouki Moncef Marzouki Mustapha Ben Jaafar Mutamar Rached Ghannouchi Sakiet Sidi Youssef salafistes Siliana Tawakkolk Tunisie

أخبار الكاف وأخبار العالم العربي والفضائيات العربية والإسلامية

Copyright © lekef.com. All rights reserved