د.عامر السبايلة
شرع فاروق الشرع حياته السياسية قومياً ناصرياً و في سياق الصيرورة السياسية في سوريا و تبادل المواقع انتقل الى صفوف حزب البعث. الشرع أساساً هو قومي ناصري، تحول في سياق الازمة السورية ووحدة سوريا الى قومي بعثي.
رجل الحوار
منذ بداية حياته رسم الشرع لنفسه صورة الدبلوماسي المفاوض المقبول من غالبية اطراف الصراع. لعب الشرع دور مهم في اخراج لبنان من ازمته في اتفاق الطائف الذي كان الاخضر الابراهيمي (المبعوث الاممي الى سوريا اليوم) ايضاً احد عنواينه المهمة، اما مصداقيته الدولية فاكتسبها عندما كان ممثلاً لسوريا في مؤتمر مدريد.
في الداخل السوري و مع بداية الأزمة السورية لعب الشرع دور المفاوض المقبول من جميع الاطراف الداخلية و الخارجية. لكن مع تحول شكل الصراع في سوريا و دخوله في دائرة الصراع المسلح تم قطع الحوار من قبل السلطة واغلاق قنواته، قطع الحوار هذا واكبه، اختفاء ضمني للشرع عن المشهد السياسي العام، و كان آخر ظهور علني له أثناء تشييع وزير الدفاع السوري و رفاقه.
الشرع عنوان لمرحلة قادمة
ثلاث معطيات اساسية تعطي فاروق الشرع الاوراق استراتيجية المطلوبة لخط العنوان الرئيسي للمرحلة القادمة:
- اجماع الاطراف العالمية على شخص فاروق الشرع.
- اتفاق تيارات المعارضة السورية و اطراف التسوية السياسية على الدور المطلوب و الذي قد يناط بالشرع.
- النقطة الأهم تتمثل بقرب فاروق الشرع من المؤسسة العسكرية السورية، الحاكم الفعلي لسوريا اليوم و حاضنة اي مشروع تسوية سياسية قادم.
لعل التركيز الأخير على فكرة انشقاق الرجل مؤخراً يشكل الرسالة الأخيرة المرسلة من معسكر اعداء سوريا الى المؤسسة العسكرية السورية بضرورة الوصول الى المرحلة الانتقالية والتي لا بد ان تبدأ بالحوار المباشر. اذاَ فاروق الشرع قد يكون العنوان الأبرز من عنواين المرحلة القادمة التي تمثل المرحلة الانتقالية السياسية. فغالبية الاطراف استنفذت خياراتها و يبدو ان الشرع هو آخر الخيارات المخبئة منذ فترة.
الاخضر الابراهيمي
الاخضر الابراهيمي هو عنوان آخر من عناوين التسوية السياسية القادمة والتي يمثل فيها الرجل اخر اوراق المحور الدولي للوصول الى التسوية السياسية. لهذا كان من الضروري أن تقدم المؤسسة العسكرية السورية مندوبها في الحوار القادم.
المعارضة السوري الوطنية في الداخل والخارج تدرك ان تصويب المسار الحالي هو ضرورة اساسية للدخول في حوارات المرحلة الانتقالية. المعارض السوري هيثم مناع بدوره أرسل رسائل واضحة تصب في مصلحة التمهيد لصياغة شكل التغيير القادم. (في مقال سابق) أشرنا الى الدور الذي ستلعبه مكونات المشروع الديمقراطي الشعبي السوري الذي نأى بنفسه عن الانخراط في سفك الدم السوري، يشخص مناع ازمة المعارضة السورية بمحورين رئيسيين الأول بقوله أن: “مصيبة المعارضة السورية الموالية للغرب والخليج هي أنها مدللة مالياً وإعلاميا وبشكل جعلها تُصاب بالغرور وترتكب أخطاءً قاتلة أدت إلى اتهام المعارضة السورية ككل في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان بارتكاب جرائم حرب”، و اما المحور الثاني فلخص فيه مناع تجذر أزمة المعارضة السورية الخارجية بالقول: “لنتحدث بصراحة، فالجهاديون الأجانب جعلوا من الحل العسكري قضية يدافع عنها النظام، وصار يدافع عن ابن حلب المعتدل والمسيحي والكردي بوجه الشيشاني الذي يتنصب لإمارة إسلامية في سوريا، الآن للنظام قضية حماية البلد من التدخل الخارجي العشوائي والمتطرف والمذهبي”
الطريق الى الحل:
الطريق الى الحل في سوريا بدا مع تعيين الاخضر الابراهيمي، الدبلوماسي المحنك والمطلع على تفاصيل المشهد السوري منذ الأزمة اللبنانية. انجاح مهمة الابراهيمي لخصها هو نفسه بالقول ان نجاح مهمته يعتمد تماماً على رغبة الأطراف الدولية بانجاحها و تجنيبه مصير سلفه عنان. الرسالة كانت واضحة، ولاقت من جهتها ارتياح ايجابي من غالبية اطراف التسوية نظراً لحساسية التطورات الاقليمية على الأرض. مهمة الابراهيمي بحاجة ايضاً لطرفين اساسيين، الأول مفاوض سوري يمثل النظام و يلقى دعم المؤسسة العسكرية. الطرف الثاني هو المعارضة السورية، الأمر الذي يقتضي لم شمل المعارضة وهو ما أشار له هيثم مناع اليوم في مقابلته مع وكالة يو بي آب: “إن هيئة التنسيق الوطنية باشرت منذ الشهر الماضي الاتصال بكل معارضة الداخل من أجل عقد مؤتمر موسّع للمعارضة السورية داخل البلاد واتصلت بعدة أطراف دولية، من بينها روسيا والإتحاد الأوروبي، وحصلت على وعود بحضور مراقبين.” لعل الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله يشير ايضاً الى ان حزب الله اعاد تموضعه و ارسل رسالة واضحة بانه غير مشمول باية تسوية سورية قادمة. فتغيير قواعد اللعبة واستخدام مصطلح ملايين الاسرائيلين تحت مرمى صواريخ الحزب يعني ان حزب الله يرفع أسهمه لمستوى دولة تجلس بالمفاوضات مستقلة و غير مشمولة بأي تسوية سورية.
لهذا فالعنوان القادم…اما التسوية السياسية او الحرب الاقليمية!
ليست هناك تعليقات:
Write comments