أعلن وزير الداخلية التونسي علي العريض يوم الاربعاء إلغاء حظر التظاهر بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة الذي كان نقطة محورية في الانتفاضة التي أسقطت نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مستجيبا بذلك لضغوط المعارضة التي هاجمت قرار المنع.
وقررت الحكومة أيضا فتح تحقيق في أحداث عنف وقعت يوم الاثنين بالشارع بين الشرطة ومتظاهرين.
وقال العريض في مؤتمر صحفي ان "مجلس الوزراء صادق على السماح بالتظاهر من جديد بشارع الحبيب بورقيبة وفق شروط وضوابط محددة من بينها الالتزام بالتوقيت والمسالك المحددة."
واندلعت يوم الاثنين الماضي في ذكرى عيد الشهداء اشتباكات عنيفة بين قوات الامن أسفرت عن وقوع اصابات في صفوف المتظاهرين وقوات الامن عندما حاولت الشرطة منع المتظاهرين من الوصول الى شارع الحبيب بورقيبة.
وأطلقت قوات الامن القنابل المسيلة للدموع وضربت متظاهرين في اعنف اشتباكات منذ اشهر مما اثار غضب المعارضة العلمانية من الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية.
وقال العريض انه تقرر أيضا تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في احداث العنف التي جرت يوم الاثنين اضافة الى نشر كاميرات مراقبة في الشارع.
ويعتبر شارع الحبيب بورقيبة نقطة رمزية في الثورة التونسية حيث تجمع فيه يوم 14 يناير كانون الثاني الماضي عشرات الاف المتظاهرين مطالبين برحيل بن علي الذي فر مع عائلته الى السعودية تحت ضغط الشارع.
وعقد ساسة ونشطاء من المعارضة العلمانية مقارنة بين أساليب الشرطة والدولة البوليسية في عهد بن علي حين كانت الحريات مقيدة. ووصفه البعض "بالاثنين الاسود".
ومثلت هذه الازمة أحد اكبر التحديات التي تواجهها الحكومة -التي تقودها حركة النهضة الاسلامية المعتدلة المتحالفة مع حزبين علمانيين- خلال حكمها المستمر منذ أربعة اشهر.
ودعا الرئيس ورئيس البرلمان المتحالفان مع حركة النهضة الى اجراء تحقيق وهو المطلب الذي كررته الحركة نفسها امس الثلاثاء.
وحدد رئيس البرلمان مصطفى بن جعفر جلسة يوم الخميس لمناقشة "أعمال العنف" التي قال انها شملت أيضا اصابة عدد من أعضاء البرلمان.
واستغل المحتجون ذكرى التاسع من ابريل نيسان وهو يوم الأربعاء الذي قمعت فيه قوات الاحتلال الفرنسي الاحتجاجات الداعية للاستقلال عام 1938 ليتحدوا حظر التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة.
وتغيرت تونس كثيرا منذ الثورة حيث تم إرساء نظام ديمقراطي ويستطيع المواطنون الحديث والتظاهر بحرية للمرة الاولى في الذاكرة الحديثة.
لكن وزارة الداخلية قررت حظر التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة في أواخر مارس بعد أن شكا سكان محليون من أن الاحتجاجات المتكررة تخنق حركة المرور وتعطل المصالح التجارية.
وأغضب الحظر معارضي الحكومة.
وفي حين أثارت الحملة الأمنية غضب البعض فان الكثير من التونسيين يؤيدون جهود إعادة الحياة الى طبيعتها في هذا الشارع الرئيسي الذي يزخر بالفنادق والمقاهي ويؤدي الى المدينة القديمة بتونس.
وقال حبيب سويد الذي يمثل متاجر الصناعات اليدوية بالمدينة القديمة "عانينا كثيرا خلال الثورة... نحاول بناء دولة الان. يجب أن نحترم قرارات الحكومة حتى لو اختلفنا معها وبالنسبة لنا شارع الحبيب بورقيبة شريان حياة ومصدر للسائحين."
وأضاف "ما نحتاجه الان هو اعادة السائحين واعادة الحياة للمقاهي والمتاجر. حينذاك نستطيع أن نقول ان ثورتنا نجحت. لا يستطيع كل من يتبع أجندته المحدودة أن يفعل هذا على حساب من يحاولون القيام بعملهم."
وشهدت احتجاجات الاثنين التي قادها معارضون علمانيون للحكومة بعض الدعوات الى "اسقاط النظام."
وواجهت حركة النهضة التي فازت بنسبة 42 في المئة من المقاعد في اول انتخابات تجريها تونس بعد الثورة ضغوطا من المعارضة العلمانية منذ البداية والتي كان اداؤها ضعيفا في الانتخابات وتخشى من فرض مباديء الشريعة على الدولة الليبرالية.
وكانت حركة النهضة قد وعدت الا تفرض الحجاب او تحظر الكحوليات لكنها واجهت ضغوطا من السلفيين الذين لا تمثلهم اي احزاب ويطالبون بأن يلعب الدين الاسلامي دورا اكبر في الحياة العامة.
وقال زعيم حركة النهضة ان على معارضي الحكومة المنتخبة أن يحاولوا إسقاطها بالوسائل الديمقراطية وليس من خلال اثارة مواجهات سياسية وتقويض الاقتصاد الذي بدأت تظهر بوادر على تعافيه من الاثار التي لحقت به من جراء الثورة.
وقال راشد الغنوشي للصحفيين ان هذه الحكومة لن تسقط الا بالطرق القانونية اي من خلال البرلمان او صندوق الاقتراع على سبيل المثال وتابع قائلا ان الاحتجاجات لن تسقط هذه الحكومة.
ومضى يقول ان هناك من فشلوا في صندوق الاقتراع ولا يستطيعون الانتظار تسعة اشهر ليحاولوا مجددا لكنهم يحاولون من خلال الفوضى أن يأخذوا من خلال الشارع ما فشلوا في اخذه من خلال صندوق الاقتراع.
ليست هناك تعليقات:
Write comments